للأهمية ولفهم هذا الدرس يرجى مراجعة الدروس السابقة قبل البدء في الدرس الرابع.
وبعد أن إستعرضنا مركبات الإنسيولين المختلفة وعرفنا أن هناك مركبات تسخدم كأنسيولين وجبات "Prandial insulin" وأخرى كأنسيولين قاعدي "Basal insulin". وأنّ هناك إنسيولين مخلوط وذكرنا أسماء الإنسيولين المختلفة الموجودة في الصيدليات.
والآن نأتي إلى (( سؤال مهم جداً )). فبالأخذ بالإعتبار ما ذكرناه في الدروس الماضية، فما هي الطريقة المثلى (والتي تُـحاكي وتشبه طريقة البنكرياس الطبيعي) لتغطية إحتياجات الإنسيولين للشخص المصاب بالنوع الأول من السكري؟
وبما أنه لا يوجد إنسيولين يُـفرز من البنكرياس بكمية كافية في النوع الأول من السكري فالإجابة هي أن نقوم بأخذ ثلاث حقنات من إنسيولين وجبات + حُقنة واحدة من إنسيولين قاعدي. أليس كذلك؟ وهذا ما يقوم به البنكرياس في الشخص الغير مصاب بالسكري كما ذكرنا ذلك في الدرس الأول.
ونحن بحاجة إلى إنسيولين القاعدي يستمر مفعوله لمدة 24 ساعة إذا أمكن وإذا لم يستمر مفعوله لمدة 24 ساعة (( فسنضطر )) إلى حَـقن الإنسيولين القاعدي مرتين في اليوم.
إليك مثال على ما ذكرناه للنوع الأول من السكري. لنفترض أن المصاب بالسكري النوع الأول بحاجة إلى 36 وحدة إنسيولين يوميا، فيمكننا تقسيم الـ 36 وحدة إلى
1- إنسيولين قاعدي مثل اللانتوس (Lantus) عدد 18 وحدة يومياً في المساء (10 مساء)
2- وإنسيولين وجبات مثل النوفورابيد (Novorapid) كالآتي 6+6+6 قبل الإفطار وقبل الغذاء وقبل وجبة العشاء.
----- بعض الملاحظات الهامة على هذه الطريقة لحَـقن الإنسيولين:
1- لاحظ أن جرعة الإنسيولين القاعدي "اللانتوس" تساوي مجموع جرعات إنسيولين الوجبات "النوفورابيد"، حيث أوضحت في الدرس الأول بأنه في الشخص الغير مصاب بالسكري فإن كمية الإنسيولين القاعدي "تقريباً" تساوي كمية إنسيولين الوجبات التي يُفرز يومياً من البنكرياس. هنا يجب الإنتباه إلى نقطة في غاية من الأهمية وهي أن جرعة الإنسيولين "القاعدي" يجب أن أن لا تزيد عن 50% من كمية الإنسيولين المفترض أخذه في اليوم ولا تقل عن 40% من كمية الإنسيولين المفترض أخذه في اليوم ، أي في مثالنا المذكور يجب أن تكون جرعة اللانتوس "الإنسيولين القاعدي" لا تزيد عن 18 ولا تقل عن حوالي 14 وحدة ... لماذا ؟ لأنه في حالة أن الإنسيولين القاعدي أكثر من 18 أو أقل من 14 فإن نسبة حدوث التذبذب في سكر الدم ستكون عالية.
2- يمتاز إنسيولين "اللانتوس" عن بقية انواع الإنسيولين القاعدي أن مفعوله يستمر لـ 24 ساعة فبالتالي من الممكن الإكتفاء بحُـقنة واحدة يومياً فقط من هذا الإنسيولين القاعدي (هذا في معظم الحالات). أم من حيث التحكم بالسكر فإنه وبقية أنواع الإنسيولين القاعدي لا يوجد إختلاف يذكر. وفي حالة إستخدام "الليفيمير" أو "إن بي إتش" أو "إنسيولاتارد" كأنسيولين قاعدي ، فإنه من الأفضل حَـقن المصاب بالسكري بحقنتين من هذه الأنواع واحدة في المساء وواحدة في الصباح.
ملاحظة: هناك إنسيولين جديد "قاعدي" قد ينافس اللانتوس من حيث طول مفعوله وأعتقد بأنه تم الترخيص بإستعماله في بعض الدول الأوروبية (وليس في أمريكا) وهو إنسيولين "الديقلوديك" (Degludec) وهو غير موجود بليبيا.
3- حَـقن إنسيولين قاعدي كاللانتوس أو غيره ليس له علاقة بوجبة الأكل. أي أنه ليس شرطاً أن تقوم بحَقنهم قبل الأكل. ومن الأفضل أن يتم حَقنه في الفترة المسائية ، ولكن حَقنه في الفترة الصباحية شيء ممكن أيضاً.
4- يجب أن تقوم بحَـقن إنسيولين الوجبات مثل "النوفورابيد" في مثالنا قبل الأكل. مع ملاحظة أن إنسيولين الوجبات "الشبيه" (النوفورابيد والهيومالوج والأبيدرا) يمتاز عن إنسيولين الوجبات "البشري" بأن المصاب بالسكري يستطيع أن يضرب الحُـقنة ثم يأكل مباشرة (ولكن من الأفضل الإنتظار 5 دقائق قبل البدء في الأكل). أمّـا عندما يستخدم في إنسيولين وجبات "بشري" مثل (( الأكترابيد أوالريكيولار )) فإنه يجب أن ينتظر من 20 إلى 30 دقيقة ثم يبدأ بأكل وجبته.
5- عندما تقوم بحَقن إنسيولين وجبات فمن الضروري "أن تأكل وجبتك" وإلاّ فإنك عُرضة لهبوط سكر الدم. فلا تنس تناول وجبتك.
6- هذه الطريقة "أي حَـقن المصاب بالسكري بثلاثة مرات أو أكثر" تـُعرف "بالعلاج المكثف" وهي الطريقة المثلى للتحكم بسكر الدم للمصابين بالسكري النوع الأول وهذا مثبوث علمياً. لنتذكر هذا التعريف "للعلاج المكثف".
ملاحظة: الطريقة المذكورة أعلاه هي الطريقة المثلى والمثبوثة علمياً بأنها الأفضل للنوع الأول من السكري ولكن (( عملياً )) فإن هناك عدة طرق لإستخدام كل من إنسيولين الوجبات والإنسيولين القاعدي وكذلك الإنسيولين المخلوط للمصابين بالسكري النوع الأول. فالأهم هو أن يتم التحكم بسكر الدم وليس طريقة وعدد الحُقنات في اليوم. وإختيار الطريقة المناسبة لكل مصاب بالسكري هي من واجبات الطبيب المعالج أو الطاقم الطبي المعالج له. وبقليل من الفهم مع القياس الذاتي لسكر الدم فإن إيجاد أنسب طريقة لحقن الإنسيولين ليست شيء صعب. وكما ذكرنا في عدة مناسبات فإنه لا توجد "طريقة واحدة تـُناسب الكل" ، وهذه من إحدى الصعوبات في علاج السكري. فكل مصاب بالسكري له طريقة تنـُاسبه هو وليس بالضرروي أن تـُناسب الآخرين، لأن هناك عدة عوامل تتداخل مع العلاج منها تقبـُل المصاب بأخذ أكثر من ثلاث حقنات يومياً، مهارته في قياس سكر الدم، تحمسه في التحكم بسكر الدم، عزيمته في الإنتظام بالأكل وممارسة الرياضة ..إلخ. فالإجتهاد في علاج السكري مرده الإيجابي سيعود على المصاب بالسكري نفسه. ولكل مجتهد نصيب ! الدرس الخامس والأخير غداً.