هناك العديد من المسببات لحدوث الغيبوبة لأية شخص ما، إبتدأً من الإلتهابات الحادة مثل الإلتهاب السحائي، أو الحوادث التي تصيب الرأس، أو أمراض الغدد الصماء مثل هبوط في وظيفة الغدة النخامية أو الكظرية، أو الهبوط الحاد في وظيفة بعض الأعضاء المهمة مثل الكبد والكلى، أو التسمم نتيجة تناول لجرعات عالية من الأدوية لأية سبب...إلخ. ولكن في هذه المقالة سنلقي الضوء على الغيبوبة والتي لها علاقة مباشرة بالسكري.
بدايةً الغيبوبة هي غياب وعي المصاب بالسكري عن ما يدور حواليه. والغيبوبة نتيجة السكري من المضاعفات الهامة والخطيرة التي ربما تؤدي إلى الوفاة.
في الحقيقة ولله الحمد، نسبة حدوث الغيبوبة للمصابين بالسكري والتي لها علاقة بالسكري ، ليست عالية، كما أن العديد من حالات الغيبوبة من السهل علاجها وتمر بسلام ولا تـُخلف أية مضاعفات وكذلك طرق الوقاية منها بيد المصاب بالسكري ، فكل ما يجب عليه فعله هو إتباع العلاج ونصائح الطبيب المعالج. ومن الأسباب التي تؤدي إلى الغيبوبة نتيجة السكري هو الإرتفاع العالي والخطير لسكر الدم أو الإنخفاض الخطير لسكر الدم.
وحدوث الغيبوبة نتيجة السكري لا تحدث هكذا فجأة وبدون مقدمات بل هناك بعض الأعراض الناجمة من زيادة السكر في الدم أو الناجمة من هبوط في سكر الدم يجب الإنتباه لها ومعرفتها.
--- أعراض زيادة السكر بالدم: مثل الشعور بالعطش، التبول بكثرة، جفاف بالحلق، الشعور بالغثيان، التقيئ، سرعة بالتنفس.
--- أعراض هبوط سكر الدم: ربما ستشعر بالآتي: رعشة بالأطراف، خفقان القلب، متوتر وعصبي، مرهق، تعرّق كثير، جائع، دايخ.
الزيادة العالية لسكر الدم أو الهبوط الشديد لسكر الدم قد يؤدي إلى ثلاث أنواع من الغيبوبة للمصابين بالسكري وهذه الأنواع الثلاثة هي:
(((1- حموضة السكري الكيتونية)))
عندما لا تتمكن العضلات من إستخدام الجلكوز "السكر" كمصدر للطاقة بسبب نقص الإنسيولين يقوم الجسم بالتحول إلى الدهون بالجسم وذلك لإستخدامها كمصدر للطاقة الأمر الذي يؤدي إلى تكوّن الأحماض الكيتونية وهي عبارة عن المخلـّفات الناجمة من إستخدام الدهون بالجسم لإنتاج الطاقة.
هذه الأحماض الكيتونية إذا زادت في الدم قد تصل إلى مستويات تعتبر سامة مما يترتب عن ذلك حدوث الغيبوبة الكيتونية ومشاكلها وذلك إذا لم يتم علاج الحالة.
في الحقيقة الحموضة الكيتونية تصيب غالباً المصابون بالسكري النوع الأول ولكن قد تحدث أيضاً للمصابين بالسكري النوع الثاني وكذلك المصابات بسكر الحمل.
(((2- حالة زيادة السكر مع زيادة إسموزية الدم)))
هذه الحالة في الغالب تحدث للمصابين بالسكري النوع الثاني وعندها يكون معدل السكر في الدم في الغالب أكثر من 600 ملجم / ديسيليتر الأمر الذي يؤدي إلى زيادة تخثر الدم وخروج الجلوكوز (السكر) بكميات كبيرة عن طريق البول مصحوباً بفقد كميات كبيرة من السوائل الأمر الذي يؤدي إلى حدوث جفاف شديد وخطير وإذا لم يتم علاج ذلك قد تحدث للمريض الغيبوبة.
(((3- هبوط السكر بالدم)))
من أهم الأعضاء التي تعتمد إعتماد كلي على الجلوكوز (السكر) لإنتاج الطاقة هو الدماغ وفي حالة هبوط السكر بالدم لقيم خطيرة فحدوث الغيبوبة أمر وارد فيجب الإنتاه لذلك، في الحقيقة هبوط سكر الدم يحدث في الغالب نتيجة أخذ جرعة الإنسيولين بكمية كبيرة أو أخذ الإنسيولين ثم عدم تناول الوجبة الرئيسية أو الوجبة الخفيفة، وكذلك عند بذل مجهود عضلي (رياضة) بصورة غير مرتب لها مسبقاً، أو شرب كمية كبيرة من الكحوليات قد يسبب أيضاً في هبوط سكر الدم مع ملاحظة أن سرعة هبوط سكر الدم من العوامل الهامة التي تؤثر على ظهور أعراض هبوط السكر، على سبيل المثال إذا إنخفض سكر الدم بقيمة 50 ملجم/ديسيليتر في بضع ساعات فإن أعراض هذا الهبوط قد تكون غير ملحوظة وقليلة أمَا إذا إنخفض سكر الدم بنفس القيمة في بضع دقائق فإن أعراض هذا الهبوط تكون ملحوظة وواضحة.
والآن من؟ من المصابين بالسكري عُرضة للغيبوبة نتيجة الحالات المذكورة أعلاه ؟ في الحقيقة كل مصاب بالسكري عُرضة لهذه المضاعفات إلاّ أن الحموضة الكيتونية في العادة تـُصيب المصابون بالسكري النوع الأول أمّا حالة زيادة السكر وزيادة إسموزية الدم ففي الغالب تـُصيب المصابون بالسكري النوع الثاني والكبار في السن نسبياً وتزداد نسبة حدوث الغيبوبة للذين لا يقومون بالقياس الذاتي لسكر الدم بإستخدام أجهزة قياس سكر الدم.
حدوث الغيبوبة للمصاب بالسكري يعني ضرورة نقله إلى أقرب مركز صحي أو مستشفي حتى بعد إجراء بعض التدخلات العلاجية المستعجلة في البيت أو أية مكان آخر حيث سيقوم الفريق الطبي المعالج بعمل بعض التحاليل مثل تحليل سكر الدم وتحليل الأحماض الكيتونية بالبول/بالدم ووظائف الكلى وكمية الأملاح بالدم وبعض التحاليل الأخرى وذلك حسب الحالة من الناحية الإكلينيكية.