من المعلوم أن العلاج بالخلايا الجذعية ربما سيكون إحدى السياسات العلاجية، وهذه السياسة العلاجية يعترضها الكثير من المشاكل الأخلاقية (نظراً لإستخدام الأجنة) والمشاكل الطبية (على سبيل المثال الأورام التي تحدث بإستخدام هذه السياسة)، والحقيقة أنه لا زال الحديث مبكراً على إستخدام الخلايا الجذعية في البشر ،الأمر يحتاج إلى سنوات عديدة أو ربما عقود وذلك إذا سارت الأمور كما يشتهيها البحاث، ويجب الإنتباه ممن يدّعي أنه بدأ في إستخدام العلاج بالخلايا الجذعية على البشر، ربما هناك خطأ ما.
على كلٍ للمصابين بالنوع الأول من مرض السكري قد تكون إصابة إبن "ميلتون" بالنوع الأول من السكري، نعمة كبرى، كيف؟
وكما قلت فإن إستخدام الخلايا الجذعية أمر سيحتاج إلى وقت ولكن في المقابل هناك سياسة علاجية أخرى وذلك ببرمجة بعض الخلايا لأداء وظيفة ليست من مهامها، ما معنى هذا؟ لنرى فريق البحاث لـ دوقلاس ميلتون ما الذي قاموا به؟ و"دوقلاس ميلتون" هو المدير المساعد لمعهد هارفارد للخلايا الجذعية.
دوقلاس ميلتون وفريقه قاموا بإجراء بحوث على الفئران، وكانت النتائج مشجعة فالبحوث والتي نشرت في مجلة ناتشر (The Journal Nature) كانت عبارة عن برمجة خلايا البنكرياس والتي تفرز في عصارة البنكرياس، البرمجة هذه تجعل خلايا البنكرياس بدلاً من أن تفرز في عصارة البنكرياس، تجعلها تفرز الإنسيولين !، أي تتحول إلى خلايا بيتا، في الحقيقة هذا النجاح في الفئران يعتبر قفزة كبيرة في التقدم العلمي الذي يتبنى فكرة علاج الأمراض بإستخدام خلايا الإنسان نفسه، وكما علّق "ميلتون" فإن الحديث على إستخدام هذه الإستراتيجية في البشر لا زال مبكراً ، كما أن الفئران التي أُستخدمت لها هذه الإستراتيجية (ملاحظة: يمكن تحطيم خلايا البيتا للفأر بإستعمال مادة كميائية مثل الإستربتوزوتيسن وجعله مصاب بالسكري بسرعة) وعلّق أيضاً بأنه لم يتم شفاء تام للفئران من السكري، والسبب في ذلك ربما لأن عدد الخلايا المبرمجة بالتقنية المستخدمة قليلة أو أن الخلايا المبرمجة يجب أن تجتمع مع بعضها، فإن عدم حدوث هذا قد يعيق وظيفتها.
بالطبع خبر مثل هذا زاد الإثارة في مجال محاولة البحاث لإيجاد الطرق العلاجية للمصابين بالسكري النوع الأول.
أما كيف يتم إعادة برمجة الخلايا، كفكرة فإنها سهلة، ولكن التقنية معقدة جداً إلاّ أن "ميلتون" وفريقه تمكنوا من إستخدام طريقة سهلة حيث تم حقن بعض أنواع الفيروسات في بنكرياس الفئران، وبإمكان هذه الفيروسات الدخول بسهولة لخلايا البنكرياس التي تفرز في عصارة البنكرياس، وتحتوي هذه الفيروسات على "جينات ومورثات" بإمكانها أن تقوم بالتحكم في "جينات" خلايا البنكرياس التي تفرز في عصارة البنكرياس، وفي غضون ثلاثة أيام يصبح شكل الخلايا المصابة بالفيروس، يصبح شبيه لخلايا البيتا، وفي غضون إسبوع حوال 20% من هذه الخلايا تصبح لديها القدرة على إفراز الإنسيولين ! وأستمرت في العمل على إفراز الإنسيولين لمدة شهر، بالطبع هناك العديد من الأسئلة "من حيث الخطورة" لهذه التقنية بإنتظار الإجابة عليها.
في الحقيقة هذه التقنية إن نجحت سيكون إستخدامها في مجالات عديدة وليس السكري فقط، وستكون قفزة كبيرة في مجال الطب.
أما السيد "ميلتون" فأنه قال عن نفسه أنه أصبح من المهتمين بالإبحاث في مجال السكري وذلك لدرجة الهوس منذ سنة 1993 والسبب في ذلك أن إبنه أُصيب بالنوع الأول من السكري وكان دائماً يبحث عن علاج جديد لعلاج وليس للوقاية. لعلاج السكري النوع الأول (والذي تكون فيه خلايا البيتا متحطمة)، حتى أنه قال عن نفسه أنه عندما يستيقظ في الصباح وفي كل يوم يبدأ في التفكير سألاً نفسه كيف يمكنني أن أصنع خلية بيتا ؟ هذا ما قاله.
وعلّق "ميلتون" أيضا على هذا البحث متمنياً أنه يأمل في إيجاد دواء يقوم بمهام الفيروس الذي أستخدم في هذا البحث وذلك لتجنب حـَقن المصابين بالفيروسات.
مقالة معادة لسبب وجيه
=====
إنتهت المقالة..
ولكن لماذا قمت بإعادة كتابة هذه المقالة الآن؟
الجواب: لأن ميلتون أصبح لديه "ولدين" مصابين بالسكري النوع الأول، وهو مصر على أن يكتشف العلاج "الشافي" للسكري. وفي يوم 9 أكتوبر 2014 (أي منذ أيام قليلة مضت) قامت إحدى المجلات الطبية بنشر آخر أبحاثه بخصوص محاولاته لإيجاد علاج شافي للسكري النوع الأول. فما الجديد يا ترى؟ وهل إقتربنا من إيجاد العلاج الشافي للنوع الأول من السكري؟ سنعرف ذلك في المقالة القادمة والتي ستكون بعنوان "الأمل يتجدد لإيجاد علاج شافي للنوع الأول من السكري".