(( ملاحظة )) هذه الرسالة يجب على كل المصابين بالسكري الإهتمام بها إهتمام خاص.
كما هو معلوم أن السياسة العلاجية للمصابين بالسكري يجب أن تكون مبنية على نظام العلاج الإستباقي أو الوقائي (Proactive management)، أي لا تنتظر حدوث مضاعفات السكري ثم العمل على علاجها، ولكن يجب أن تعمل على الوقاية من حدوثها وذلك بالمتابعة الطبية المنتظمة حتى ولو لم تكن تشعر بأية أعراض أو ألآم ثم الإلتزام بالنصائح الطبية.
إذا تم تشخيص الإًصابة بالسكري لشخص ما وأرتفع سكر دمه، فالأمر ليس بالخطورة التي تذكر إذا كان هذه هي نهاية القصة. ولكن في الحقيقة معظم الألآم، والقلق من الإصابة بالسكري ينجم من الإصابة بمضاعفاته المزمنة مثل الثأثيرات السلبية على شبكية العين والثأثيرات السلبية على الأطراف العصبية والثأثيرات السلبية على الأوعية الدموية والقلب والثأثيرات السلبية على الكلى (ربنا يحفظ الجميع).
الخبر المفرح هو أن معظم هذه المضاعفات يمكن للمصاب بالسكري الوقاية منها إذا عرف واجباته تجاه الإصابة بالسكري وأكتسب المهارات الأساسية للتعامل مع الإصابة بالسكري.
الثأثيرات على الكلى الناجمة من السكري أو ما يُعرف بــ "كلى السكري" تحدث لحوالي 20 إلى 40 % من المصابين بالسكري. وهي تمر بمراحل عديدة إبتدأً من ظهور زلال الألبيومين الدقيق في البول ثم (( وببطء )) يستمر تأثير السكري على الكلى إلى إضطراب في وظائف الكلى إلى أن ينتهي بالفشل الكلوي والحاجة إما إلى الغسيل الكلوي أو عملية زرع الكلى. في الحقيقة المراحل المختلفة للثأثيرات السلبية على الكلى تتطور ببطء، الأمر الذي يترك فرصة لفترة زمنية كافية للتدخلات العلاجية. إذا تم معرفة وتشخيص إصابة الكلى في المراحل المبكرة وذلك بالمتابعة الطبية المنتظمة للمصاب بالسكري حتى لو لم تكن لديه أعراض مرض حاد. (أي المتابعة الطبية المنتظمة).
قد تسمع أحياناً (من وسائل الأعلام أو بعض الأطباء) أن: "مرض السكري هو السبب الأول والرئيسي في الفشل الكلوي"، هذه المعلومة غير صحيحة وحتى تصبح هذه المعلومة صحيحة فهي بحاجة إلى تعديل مهم.
والتعديل المهم هو أنه يجب أن تكون الجملة كالآتي: "التحكم الغير جيد بمرض السكري هو السبب الأول والرئيسي في الفشل الكلوي".
راجع الجملتين وأكتشف الفارق يينهما. هل عرفت الفارق بينهما؟ الفارق كبير جداً.
والإختلاف في الجملتين واضح. فالتحكم الغير جيد بالسكري هو السبب الأول في حدوث الفشل الكلوي بينما التحكم الجيد لسكر الدم والسكري يقلل من حدوث كل مضاعفات السكري بما فيها كلى السكري والفشل الكلوي بنسب إحصائية كبيرة وهائلة.
إذاً ما هي الخطوات للوقاية من الثأثيرات السلبية على الكلى الناجمة من الإصابة بالسكري (أي قبل ظهور ما يدل على إصابة الكلى بالسكري)
1- التحكم الجيد لسكر الدم: وهذا مفتاح هام للوقاية من الثأثيرات السلبية على الكلى الناجمة من السكري. ما معنى تحكم جيد لسكر الدم ؟ معناه تحليل تراكمي لسكر الدم - HbA1c - في المعدل 7% أو أقل. إذا كان معدل التحليل التراكمي لسكر الدم لديك أكثر من 7% ، فأعلم أن لكل 1% تنقيص من كمية التحليل التراكمي لسكر الدم تقل إحتمال الإصابة بالثأثيرات السلبية على الكلى الناجمة من مرض السكري بنسبة 40% ، وهذا ممتاز، والأمر متروك لك.
2- التحكم الجيد بضغط الدم: وهذا لا يقل أهمية عن التحكم الجيد لسكر الدم والهدف هو أن يكون ضغط الدم أقل من 140/80 مم زئبق مع العلم بأن حوالي 70% من المصابين بالسكري إما أن يكون لديهم إرتفاع في ضغط الدم أو أنهم على أدوية علاج إرتفاع ضغط الدم للعمل على تعديل ضغط دمهم.
ومن الأشياء التي تساعد على التحكم بضغط الدم هو عدة أمور منها الإقلال من تناول الأملاح مع أكل الفواكه والخضروات، و تنقيص وزن الجسم إذا كان الشخص مصاب بالسمنة، ممارسة الرياضة بصورة منتظمة، الإمتناع عن تناول الكحوليات، الإمتناع عن التدخين.
3- التأكد من عدم وجود زلال الألبيومين الدقيق في البول: وذلك بالمتابعة الطبية المنتظمة وهذا مهم للوقاية من الثأثيرات السلبية على الكلى الناجمة من السكري ، فإن الطبيب المشرف على علاجك سيقوم بفحص للبول (Albumin/creatinine ratio) بمعدل مرة أو مرتين في العام وذلك للتأكد من عدم وجود زلال الألبيومين الدقيق في البول وهو من أهم العلامات "المبكرة" للإصابة بكلى بالسكري.
إذن ما الذي ستقوم به للوقاية من الإصابة بكلى السكري؟ الجواب: أحرص على أن يكون التحليل التراكمي لسكر الدم أقل من 7% ، تحكم بضغط دمك، وأعمل تحليل البول لمعرفة كمية الزلال في البول على الأقل مرة في السنة.
والآن للمصاب بالسكري (( وتبيـّن أن هناك ما يدل على وجود إضطراب في الكلى )) وذلك بظهور زلال الألبيومين الدقيق في البول، ما هي الخطوات والإرشادات الهامة الواجب القيام بها وذلك للمحافظة على صحة الكلى لأطول فترة ممكنة والعمل على إستقرار الإضطراب في وظيفة الكلى وعدم السماح بتطور الإصابة إلى الفشل الكلوي؟
قائمة النصائح والإرشادات طويلة نسبياً ولكنها مهمة جداً وهي محتويات الجزء الثاني من هذه المقالة غداً.