هناك شيء مهم، وهو أن إستشاري مرض السكري يستريح أكثر لعلاج المصابين بالسكري والذين لديهم معلومات جيدة عن كيفية التعامل مع مرض السكري والذين لديهم حماس ورغبة صادقة وواثقين من أنفسهم في مقدرتهم على التحكم الجيد بسكر الدم، فالطبيب المعالج عندما يجد مصاب بالسكري على درجة من الوعي ولديه المهارات الأساسية للتعامل مع مرض السكري فإن هذا يساعد الطبيب في إتخاذ القرارت المناسبة بطريقة سهلة وبدرجة كبيرة جداً، وسيتسفيد المصاب بالسكري أيضاً بدرجة كبيرة جداً، ((أؤكد لكم ذلك،)) وبإمكان الطبيب في هذه الحالة أن يتوقع أنه بإمكانه مساعدة هذا المريض لكي يستطيع التغلب على مرضه ومنع حدوث المضاعفات المزمنة، فهدف الطبيب المعالج (بالدرجة الأولى) هو منع حدوث المضاعفات المزمنة مثل إضطراب شبكية العين، وكلى السكري، ومشاكل الأوعية الدموية والقلب...إلخ، لأنه في الحقيقة نجاح علاج السكري يعتمد إعتماد كبير على المصاب بالسكري نفسه وهذا ما يُعرف بمفهوم العلاج الذاتي، أقصد أن معظم المفاتيح العلاجية لمرض السكري هي "بيد المصاب بالسكري نفسه". ووظيفة الطبيب المعالج أو الفريق الطبي المعالج هو توجيه المصاب بالسكري وإيضاح كيفية التصرف والتعامل مع مرض السكري. ومعظم هذه التوجيهات والإيضاحات هي في الحقيقة واجبات يجب على المصاب السكري نفسه القيام بها. ولن يجد أحد يساعده على "تنفيد" الواجبات المهمة تجاه مرضه إلاَ المصاب بالسكري نفسه، فإذا أستوعبت ذلك فوجب عليك البحث ومعرفة واجباتك تجاه مرض السكري. هنا يأتي سؤال أو إنطباع قد يراود المصاب بالسكري وهذا الإنطباع هو "لماذا يجب عليَ أن أقرأ وأن أبحث عن المعلومات الطبية ؟ ألا يكفي أنني مصاب بالسكري؟ فأنا بحاجة إلى من يرشدني ويساعدني، وأريد من الفريق الطبي المعالج أن يقوم بعلاجي، فإذا كان المطلوب مني البحث والقرأة فماذا تركت من واجبات للفريق الطبي؟ ثم إنني لا أريد أن أشغل بالي دائماً بمرض السكري أريد أن أعيش حياتي ولكن بدون التفكير الكثير في مرضي". الإجابة على كل هذه الخواطر والأسئلة هو أنك مخطئ في تفكيرك وفي تقديرك تجاه مرض السكري. في الحقيقة "يجب أن تتأكد من أن علاج مرض السكري يختلف عن علاج بقية الأمراض". وعلاج مرض السكري يعتمد على عدة مفاهيم تبث علمياً أهميتها منها مفهوم العلاج بالنظام الإستباقي أو النظام الوقائي ثم أن هناك مفهوم العلاج الذاتي. وللأسف هناك العديد من الواجبات الهامة التي ينبغي على جميع المصابين بالسكري معرفتها وتطبيقها ودور الفريق الطبي المعالج هو توضيح تلك الواجبات ولا يستطيع الفريق الطبي المعالج أن يرافقك حيث ما أنت. لأن الواجبات التي تهم المصابين بالسكري عديدة ومعظمها يتم تطبيقه عندما يكون المصاب بالسكري منفرداً ولا يوجد معه أحد من الفريق الطبي المعالج. على سبيل المثال الإنتظام في الأكل الصحي، فمن الذي يستطيع أن يجعللك تنتظم في الأكل؟ الإجابة عزيمتك طبعاً ولا يوجد هناك أقراص أو حقن تستطيع أن تجعلك تنتظم في الأكل. ومثال آخر الإنتظام في ممارسة الرياضة فمن الذي يستطيع أن يجعلك تنتظم في ممارسة الرياضة؟ الإجابة عزيمتك طبعاً ولا يوجد هناك أقراص أو حقن تستطيع أن تجعلك تنتظم في ممارسة الرياضة. فالإنتظام في الأكل وممارسة الرياضة يعتبروا من أهم المفاتيح العلاجية لمرض السكري وهي بيد المصاب بالسكري نفسه ولا يستطيع الفريق الطبي المعالج أن يفعل شيء حيالها إلاَ التوجيه والنصحية. وهناك أيضاً مفهوم القياس الذاتي لسكر الدم، وهناك أيضاً الإنتظام في أخذ العلاج الطبي وهناك أيضاً تعديل الجرعات العلاجية المستخدمة. كل هذه الواجبات تعتمد بالأساس على المصاب بالسكري نفسه. ولكن الخبر المفرح بهذا الخصوص هو أن تعلم الواجبات وتطبيقها ((شيء ممكن)) ثم أن هذا مطلوب منك فقط في الأشهر الأولى من بداية المرض وعندما تتعلم وتطبق واجباتك ستصبح بعد ذلك عادات ويسهل القيام بها. على أية حال سنرجع الآن إلى عنوان هذه المقالة وهو النقاط التي يجب أن تتأكد من أنك قمت بمراجعتها مع طبيبك عند زيارته. حتى تستفيذ الإستفاذة المرجوة من زيارتك له.
من علامات أن المصاب بالسكري لديه معلومات عن مرضه وهو قادر على التحكم بمرض السكري هو طريقة إستغلاله لزيارة طبيبه المعالج. فوجب على كل المصابين بالسكري أن يحضر معه قائمة من الأسئلة (من الأفضل كتابتها في ورقة) والتي من خلال الإجابة عليها مع طبيبك ستتعرف على حقيقة مدى تحكمك بمرض السكري وهل أنت فعلاً في الطريق الصحيح لعلاج السكري. وأعلم أن عدم معرفتك لهذه الأسئلة وعدم معرفتك لإجابتها فإنك قد تكون مخطى في تقييمك لمدى إستفادتك من علاجك لمرض السكري وهل أنت سائر في الطريق الصحيح أم لا، فوجب الإنتباه لذلك لأن معظم المضاعفات الخطيرة لمرض السكري في الغالب ليس لها أعراض عند ((بداية حدوثها)) وربما لا يمكنك الشعور بها إلا ببعض الكشوفات والتحاليل الطبية، فالأسئلة الآتية ستساعدك على إستغلال زيارتك لطبيبك بطريقة إيجابية، كما أنها ستساعدك على أن تكون أنت وطبيبك متفاهمان من أجل كيفية السيطرة على مرض السكري بطريقة مفيدة جداً لك. إذاً فما هي هذه الأسئلة التي ينبغي عليك أن تطرحها على طبيبك المعالج عند زيارته؟
1- ((متى كان آخر تحليل تراكمي (A1c) قمت به لي؟)) التحليل التراكمي (A1c) لسكر الدم كما أوضحنا في مقالات سابقة هو المؤشر لمدى تحكمك في سكر الدم، وهو الرقم الذي ينبغي على جميع المصابين بالسكري معرفته ويجب أن يكون معدل التحليل التراكمي لسكر الدم للمصابين بالسكري بنوعية السكري النوع الأول أو السكري النوع الثاني، يجب أن يكون التحليل التراكمي أقل من 7% هذا بصفة عامة وهذا يعني تحكم جيد لسكر الدم. لأن الأبحاث العلمية أوضحت أن التحكم الجيد بسكر الدم يمنع أو يحد من حدوث المضاعفات المزمنة لمرض السكري بقيم إحصائية كبيرة وهامة. في حالة أن التحليل التراكمي لسكر الدم أقل من 7% وجب عمل هذا التحليل مرة كل ستة أشهر. وإذا كان التحليل التراكمي لسكر الدم أكثر من 7% فبالإضافة إلى عمل هذا التحليل مرة كل ثلاثة أشهر فإن الطبيب المعالج مُلزم بتعديل خطة العلاج والتوضيح لك كيفية الحصول على تحليل تراكمي لسكر الدم أقل من 7%.
2- ((متى كان آخر تحليل للدهون بالدم وكيف هي النتائج؟)) يجب أن ننتبه هنا إلى أن الإضطراب بالدهون بالدم للمصابين بالسكري قد يشمل كل من زيادة الكوليسترول السيء (الذي يؤدي إلى أمراض القلب) ونقصان الكوليسترول الجيد (الذي يحمي من أمراض القلب) وربما زيادة الدهون الثلاثية ونادراً زيادة الكوليسترول الكلي. فكما هو ملاحظ أن الدهون بالدم أنواع. ويهمنا من هذه الأنواع (بالدرجة الأولى) هو كمية الكوليسترول السيء فوجب أن يكون معدل الكوليسترول السيء "LDL-c" بالدم أقل من 100 ملجم/ديسيليتر وفي بعض الأحيان أقل من 70 ملجم/ ديسيليتر. فيجب أن تتأكد وتتناقش مع طبيبك ما هو المعدل المناسب لك.
3- ((كم مرة يجب أن أقيس السكر بدمي يومياً بإستخدام جهاز قياس سكر الدم؟)) بالطبع هذا يعتمد على نوعية العلاج المستخدم وقد أوضحت ذلك في إحدى المقالات السابقة. ولكن بصفة عامة إذا لم تكن تستخدم في حقن الإنسيولين فقد يطلب منك الطبيب أن تقوم بقياس السكر بالدم مرة أو مرتين باليوم، ولكن إذا كنت تستخدم في حقن الإنسيولين فقد يطلب منك الطبيب قياس السكر مرتين أو أربعة مرات في اليوم، فمناقشتك مع الطبيب في هذا الأمر سيجعله يقترح عليك كم مرة يجب أن تقوم بقياس سكر الدم يومياً.
4- ((ما هو الغذاء المناسب بالنسبة لي؟ أو ماذا ءأكل؟)) في الحقيقة عندما تتطرق للحديث مع المصاب بالسكري بخصوص مرض السكري فمعظم المرضى بل كلهم يسألون في هذا السؤال. وهناك مفهوم خاطئ لدى البعض منهم والذين يعتقدون أن هناك أكل خاص بمرضى السكري، والحقيقة إن الأكل للمصابين بالسكري يختلف من مريض إلى آخر، وهذا الإختلاف يعتمد على عدة عوامل منها نوعية العلاج المستخدم للتحكم بسكر الدم، وزن الجسم، وجود مضاعفات السكري،..إلخ. كما أنه لا يوجد غذاء خاص بمرضى السكري، ولكن الغذاء الصحي هو الأكل الذي نأكله في العادة ولكن بكميات محددة وبنوعيات محددة يعرفها أخصائي التغذية بالمكان الذي تقيم به، فوجب على المصابين بالسكري البحث عن أخصائي تغذية في المنطقة التي يقيم بها وذلك من أجل إيجاد خطة غذائية مناسبة وملائمة لمريض السكري، والأخصائي سيقوم بالأخذ في الإعتبار بعدة عوامل كما ذكرنا وبعض العوامل الأخرى الهامة.
5- ((كيف هي حال قدماي؟)) قد يبدو هذا السؤال غريباً بعض الشيء ولكن لا بأس فعلى الطبيب المعالج أن يقوم بالكشف على قدميك عند كل زيارة. هذا بالإضافة طبعاً لعملك بالإرشادات التي يجب إتباعها وذلك تفادياً لبتر الأرجل. وقد تطرقنا لها في إحدى المالات السابقة. في الحقيقة هذا السؤال مهم لأن أول عضو يتأثر بتصلب الشرايين وضعف تدفق الدم وضعف أعصاب الإحساس هو القدمين.
6- ((كيف هو تقرير طبيب العيون بخصوص شبكية العين؟)) يفترض أن يكون طبيبك على علم بتقرير طبيب العيون الذي قام بالكشف عليك ويجب أن تتناقش معه بخصوص أية مشاكل قد تكون قد حدتث بشبكية العين مع مناقشته سُبل علاجها. وإذا لم تكن قد قمت بالكشف على شبكية العين في خلال سنة فيجب أن تذهب لطبيب العيون وتقوم بالكشف على شبكية عينك.
7- ((كم قياس ضغط الدم لديَ؟)) يجب أن يكون ضغط دمك أقل من أو يساوي 140/80 مم زئبق. بالطبع إرتفاع ضغط الدم قد يؤدي إلى مشاكل بشبكية العين والأوعية الدموية، كما هو حال إرتفاع سكر الدم وثأثيره على شبكية العين والأوعية الدموية، وزيارة الطبيب فرصة لقياس ضغط الدم ومناقشة الطبيب في كيفية السيطرة عليه إذا كان مرتفعاً.
8- ((متى كان آخر قياس للزلال الدقيق بالبول؟)) من العلامات الأولى لإضطراب الكلى هو ظهور الزلال الدقيق بالبول، ووجب أن لا يزيد الزلال بالبول عن 30 ملجم يومياً. وإذا كان أكثر من 30 ملجم يومياً وجب إستشارة أخصائي أمراض الكلى. في الحقيقة إذا تم إكتشاف الزلال الدقيق بالبول في مرحلة مبكرة فبإمكان الطبيب المعالج السيطرة عليه.
وختاماً لهذه المقالة فيجب على المصابين بالسكري أن يحضر معه أية أسئلة أخرى والتي تشغل باله بالإضافة إلى الأسئلة المهمة المذكورة أعلاه. وإذا كان الطبيب الذي تعالج عنده غير متخصص ولا يستطيع أن يجيبك على أسئلتك فلا تتردد من أن تطلب منه أن يقوم بتحويلك إلى طبيب متخصص في مرض السكري.