لا أحد يرغب (لا الطبيب ولا المريض) في أن يستمر المريض في أخذ العلاج مدى الحياة ! ولكن قد تكون الحاجة إلى أخذ العلاج مدى الحياة أفضل لصحتك من عدم أخذ العلاج أو التوقف عن أخذ العلاج.
في الحقيقة هذا السؤال (هل بإمكاني أن أتوقف عن أخذ العلاج؟) من الأسئلة الشائعة للمصابين بالسكري بنوعيه الأول والثاني، وقد تطرقتُ في عدة مقالات للحديث عن هذه النقطة ولكن أعتقد أنه من الأنسب أن نتناول هذه النقطة في مقالة خاصة للإجابة على هذا السؤال.
النوعان الأكثر شيوعاًّ من مرض السكري هما النوع الأول والنوع الثاني لمرض السكري. فبالإضافة إلى تغيير نمط الحياة ((أي الإنتظام في الرياضة وإتباع أكل صحي)) فإن النوع الأول بحاجة إلى حـُقن الإنسيولين، بينما النوع الثاني بحاجة إلى العلاج بالأقراص (كبداية).
المشكلة في النوع الأول هو عدم وجود خلايا بيتا كافية لإفراز الإنسيولين وتحطم معظمها بالجهاز المناعي وعليه فإن الحاجة إلى حُقن إنسيولين أمر حتمي ودائم. أي لا يستطيع المصاب بالسكري النوع الأول التوقف عن تناول الإنسيولين بل يجب أن يستمر بالإنسيولين مدى الحياة. وهذا أمر مفروغ منه.
نأتي للنوع الثاني من مرض السكري، فإن المصاب بالسكري النوع الثاني بعد أخذه للعلاج يجب أن يستمر بالمتابعة مع الفريق الطبي المعالج. فمرض السكري النوع الثاني يعالج على مراحل وهناك إحتمال أن يقوم الطبيب المعالج بتغيير السياسة العلاجية بمرور الوقت. ففي البداية قد تحتاج إلى ممارسة الرياضة والإنتظام في أكل صحي مناسب (فقط)، ثم بعد ذلك قد يقوم الطبيب بإضافة أقراص لعلاج السكر بالدم ، وبمرور الوقت قد يحتاج الطبيب إلى إضافة الإنسيولين أو أية نوع آخر من العلاجات المتاحة. وتغيير السياسة العلاجية أمر متوقع ولا يعني أنك فشلت في تحكمك بالسكري أو أن السكري لديك أصبح أسوأ من ذي قبل، ولكن هذا يعني أن جسمك بحاجة إلى مساعدة للوصول إلى القيم المقترحة والمستهدفة لتحكم جيد لسكر الدم والتي سيخبرك بها طبيبك حتى لو إستدعى الأمر إستخدام الإنسيولين. مع العلم بأن الإنسيولين هو أفضل أنواع العلاج لمرض السكري.
النقطة المهمة التي أود إيضاحها في النوع الثاني من مرض السكري هو أن تغيير نمط الحياة ((أي الإنتظام في الرياضة وإتباع أكل صحي)) عند بداية تشخيص المرض قد يكون علاج كافٍ وليس بالضرورة أخذ الأقراص لتنقيص سكر الدم. ولكن هذا يُنصح به في حالة واحدة (( وواحدة فقط )) وهي أن تغيير نمط الحياة نجح في أن يجعل التحليل التراكمي لسكر الدم أقل من 7%. أي أنه في حالة أن المريض نجح في الحصول على قرآءات جيدة لسكر الدم (بإستخدام تغيير نمط الحياة فقط) ،عليه أن يتأكد من أن التحليل التراكمي لديه أقل من 7%. وإذا كان التحليل التراكمي (( أكثر من 7% )) ومتحكم في سكر دمه وليس لديه أعراض زيادة سكر الدم ، ففي هذه الحالة يجب عليه تناول الأقراص الخافظة للسكر، لأنه في الغالب سيكون السبب في إرتفاع التحليل التراكمي هو قرآءات عالية لم يتمكن المريض من رصدها وإكتشافها بجهاز قياس سكر الدم، أي أنه قام بتحليل سكر دمه في معظم الأوقات التي يكون فيها سكر دمه في مستوى جيد. وهذا قد يجعله يخطئ في القرار. ولكن التحليل التراكمي هو أدق للتأكد من التحكم في سكر الدم.
ملاحظة: في حالة أن علاج المصاب بالسكري يعتمد على تغيير نمط الحياة والأقراص الخافظة للسكر، ثم تمكن المريض من السيطرة على السكري بهذه السياسة (أعني أن التحليل التراكمي لديه أصبح أقل من 7%) وأراد أن يتوقف عن تناول الأقراص، فإن هناك بعض الأطباء يعطون فرصة للمريص للمحاولة على الإعتماد على تغيير نمط الحياة فقط. ولكن من الأنسب أن يستمر المصاب بالسكري بالإثنين معاً أي التغيير في نمط الحياة + الأقراص.