فلا إفراط ولا تفريط.
في الحقيقة عندما تتعامل مع المصابين بالسكري فإن حالتهم النفسية وتعاملهم مع السكري يختلف من شخص إلى آخر، فمنهم:
- من لم يعترف بإصابته بالسكري ويرفضها (يرفض أنه أصيب بالسكري).
- ومنهم من يعترف بها ولا يكثرت لها (ويقوم بالتفريط في علاج نفسه).
- ومنهم من يأخذ الموضوع بجديه أكثر من اللازم ويصبح دائماً قلق من إرتفاع السكر لدرجة الوسوسة. خوفاً من مضاعفات السكري. (وهذا هو الإفراط).
- ومنهم بالطبع المعتدل.
فالذي نريده هو ..... ((الإعتدال)). ولا إفراط ولا تفريط.
والإعتدال في علاج السكري سيكون هو النهج عند معرفة ما هي أهداف العلاج من السكري، ثم السعي (بهدوء وثقة وثبات) لنيل تلك الأهداف.
فما هي الأهداف التي ينبغي للمصاب بالسكري السعي لها ؟
1- تحليل تراكمي أٌقل من 7%
2- ضغط دم أقل من 140/90 مم زئبق.
3- كوليسترول سيء أقل من 100 ملجم/ديسيلتر.
4- مراجعة طبيب العيون ، وطبيب الأسنان ، ((وأخصائي قلب بالأخص للنوع الثاني من السكري))، على الأقل مرة في السنة للتأكد من عدم حدوث "شبكية السكري" ، وللتأكد من "سلامة الأسنان واللثة" وللتأكد من "سلامة القلب والشرايين".
5- مراجعة طبيب السكري على الأقل مرة كل 3-6 أشهر.
فهذه النقاط "الخمس" هي ((علاج السكري)) والمطلوب التركيز فقط. وبهدوء وثقة بالنفس تستطيع تحقيق هذه الأهداف بكل سهولة والتعايش بسلام مع السكري. (والذي سيحقق لك هذه الأهداف هو "أنت" لا تنتظر المساعدة من الآخرين، ولن يستطيع أحد أن يساعدك ما لم تسعى أنت لتحقيق ذلك، فالفريق الطبي سيقوم بتوجيهك فقط)، وهذه من أهم المفاهيم لعلاج السكري وهو مفهوم (العلاج الذاتي) أي أن المصاب بالسكري هو من سيدير علاج نفسه.
لا نريد الإفراط في الإهتمام بعلاج السكري لدرجة الوسوسة، ولا نريد التفريط الذي يؤدي إلى حدوث المضاعفات للسكري بسرعة ووفاة المريض قبل 10-15 سنوات من العمر المفترض الذي يعيشه بسبب السكري. أي أن السكري لو تُرك بدون الإهتمام به فإنه سيسرق منك حوالي 10-15 سنة كان من المفترض أن تعيشها لو لم يُصبك السكري.
والإعتدال في علاج السكري هو المطلوب.
لقد ذكرنا بأنه يجب على المصاب بالسكري المضي "بهدو وثقة بالنفس" لتحقيق أهداف علاج السكري. ولكن لن تكون له ثقه بنفسه إلا لو أستطاع معرفة "السكري". ولن يستطيع ذلك إلا بوجود من يعينه على ذلك (كالمثقف السكري) وهو غير موجود في ليبيا للأسف، أو أن يعتمد على نفسه بالبحث عن المصادر الموثوقة من كتب ومواقع إلكترونية وصفحات ومجوعات في الفيسبوك معنية بالأمر.
هنا يأتي سؤال من بعض المصابين بالسكري وهو : "ولكن يا دكتور القراءة عن السكري تسبب لي الغمة والأحباط في بعض الأحيان لأنها مخيفة"
هذا كلام صحيح ولكن ما العمل؟
من الأفضل أن تسمع كلام يخيفك ثم تأخذ حذرك منه وتتجنب مضاعفاته بتحقيق النقاط الخمس المذكورة أعلاه، أفضل من أن تسمع كلام (مثل سكرك بسيط ، إصابتك هامشية، لا تهتم ، السكري لا يسبب مشاكل ..إلخ) ثم تجد نفسك "غريق مضاعفات السكري".
المشكلة أن علاج السكري ليس كعلاج بقية الأمراض، فعلاج السكري مبني على الوقاية من المضاعفات. والوقاية بحاجة إلى نصائح. ومن أهم النصائح هو تغيير نمط الحياة، بحيث تصبح سلوكيات الشخص متناسبة وصحة أعضاءه مثل الإبتعاد عن التدخين، والإهتمام بممارسة الرياضة، الأكل الصحي، تنقيص الوزن ، عدم السهر، الإمتناع عن الكحول، التحليلات الدورية، ومتابعة الطبيب، فهذه كلها مهمة لعلاج السكري. وهي في الحقيقة صعبة على النفس.
وعملية التثقيف يجب أن تكون مصحوبة بتتطبيق وإلا لا فائدة منها. والمطلوب من المصاب بالسكري ليس تطبيق كل النصائح في آن واحد, ولكن المهم أن يكون له علم بها ثم يصبح يحاول تطبيقها واحدة... واحدة... ويغيير من سلوكياته بالتدريج. ومع مرور الوقت سيتعود على تطبيقها والإستفادة منها.
وبالصفحة هناك بعض من المقالات التي بها أخبار قد تسبب الضيق والقلق للمصاب بالسكري (والتي أحاول عرضها بدون أن تُسبب أية ضيق أو قلق للمصابين بالسكري)، ولكن ما العمل؟ ... فالغرض من هذه المقالات هو تنبيه المصاب بالسكري بطبيعة "السكري". وفي نفس الوقت نؤكد له بأن هناك الكثير من المصابين بالسكري قد أهتموا بالعلاج والنصائح ونجحوا في التعايش معه وتجنب الإصابة بمضاعفاته.