اصبح الاهتمام بمرض السكر يزداد عاما بعد عام و اتخذ له مكانا في الصدارة بين الامراض المألوفة . ذلك لان عدد المرضى به يزداد بشكل ملحوظ ، و لاتساع البحث الطبي عن طريق افضل لعلاجة.
و رغم تزايد عدد الذين يشكون منه فأن خطورته اخذت تقل مع التفاني و الإمعان في علاجة ، حتى اصبح من اقل الامراض خطورة و الى حد أن اغلب شركات التأمين في الخارج اخذت تؤمن على حياة المريض بالسكر.
و من العسير تحديد عدد المرضى بالسكر لانه لا توجد عندنا عيادات عامة او خاصة بشكل متوسع . اما عدد المتوفين به فأيضا لا يمكن الاعتماد عليه في الاحصاء لان السكر قلما يذكر في شهادة الوفاة كسبب مباشر لها ، و انما تذكر احدى مضاعفاته دون ذكر السكر نفسه .
ولكن يقدر عددمرضى السكر و من لهم استعداد للمرض به اذا عاشوا اعمارا طويلة ، بحوالي 25% من التعداد العام و هم في ازدياد مطرد ، اما عدد المرضى به فعلا فيقدر بحوالي 6% من التعداد العام . و سيستمر هذا العدد في الازدياد لانه :
أولا - لايمكننا منع المرضى من الزواج و لا سيما من اسر ينحدر فيها المرض بالتوارث ، لانه مرض وراثي .
ثانيا - لان متوسط اعمار الناس عموما قد ارتفع عما كان عليه منذ عشرين سنه تقريبا مما يزيد من فرص حدوث المرض ، لانه غالبا ما يأتي في السنين المتقدمة من العمر . و يرجع الفضل في طول اعمار الناس حاليا الى اكتشاف العقاقير الحديثة القاتلة للجراثيم كالتيفود و الدفتيريا و الالتهاب الرئوي التي كانت فيما مضى تقضي على الانسان في مقتبل عمره و عنفوان شبابة . و اصبحت الامراض الناتجة عن اختلال بداخل الجسم مثل السرطان ، و تصلب الشرايين والسكر ، وامراض الغدد تحتل المرتبة في تقصير عمر الانسان . و قد ظهرت خطورة هذة الامراض بشكل اوضح ، و بات البحث منحصرا في طرق علاجها بعد ما كان موزعا على محاربة الجراثيم و الحميات و الطفيليات .
ثالثا - ان علاج السكر نفسه اصبح يسيرا و كاملا بحيث ان اعمار المرضى به طالت عن ذي قبل ، و بذلك زاد عددهم بين الناس .
رابعا - هذا بالاضافة الى عدة عوامل اخرى استجدت مع تقدم المدنية و اهما البدانة الناجمة عن الاكثار في الاكل مع الخمول و الكسل و قلة الحركة التي يتميز بها عصر المدنية . و كل ذلك يساعد على تزايد السمنه التي تزيد من فرص حدوث مرض السكر . و من المتوقع انه في السنةلت القادمة سيزيد عدد المرضى بالسكر بمعدل اربعة اضعاف الزيادة في عدد السكان .
اما الشق الاخر لاهمية الموضوع فيرجع الى اتساع البحث في العلاج . فقد ظهرت اقراص مضادة للسكر اهتم بها المرضى لانها وسيلة سهلة في العلاج ، و اهتم بها الاطباء لانها فتحت امامهم ميادين واسعه للبحث و الاكتشاف للوصول الى شفاء تام .
و هكذا كانت اهمية الموضوع بين زيادة عدد المرضى ، و تقدم وسائل علاجهم . فيجب الا تكون محلا للانزعاج ما دام يوجد علاج لهم ، و كفانا الله شر داء بلا دواء .
ان مضاعفات مرض السكر كثيرة و خطيرة . و الشخص الذي يصاب به لا يستطيع العيش بدون علاج من مدة تتراوح بين سته الى احد عشر عاما ، و قد تكون سنتين في بعض حالاته الشديدة ، في حين ان الذين يبكرون في العلاج بالغذاء المتوازن او الانسولين عاشوا مع مرضهم اكثر من اربعين عاما و لم يكن السكر سببا في منيتهم.
و نحن ننتظر مساندة المرضى في مقاومة هذا المرض باتباع ارشادات الاخصائيين ، من خلال مراكز لمرضى السكر التي من شأنها تعليم المرضى طرق الغذاء ، و الحقن بالانسولين ، و تحليل البول ، و كل ما يتعلق بمرضهم . كما يشاهدون في بعض المضاعفات لتطبع في اذهانهم غيبوبوة السكر ، و الغرغرينا ، و فقدان البصر ، ليفهموا مدى الخطورة التي تنتج عن اهمال مرضهم ، و يساعدونا على تفادي مضاعفاته المخيفة .